قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل *** بسقط اللوى بين الدخول وحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها *** لما نسجتها من جنوب وشمأل
ترى بعر الأرآم في عرصاتها *** وقيعانها كأنه حب فلفل
كأني غداة البين يوم تحملوا *** لدى سمرات الحي ناقف حنظل
وقوفا بها صحبي علي مطيهم *** يقولون لا تهلك أسى وتجمل
وإن شفائي عبرة إن سفحتها *** وهل عند رسم دارس من معول
كدينك من أم الحويرث قبلها *** وجارتها أم الرباب بمأسل
ففاضت دموع العين مني صبابة *** على النحر حتى بل دمعي محملي
ألا رب يوم لك منهن صالح *** ولا سيما يوم بدارة جلجل
ويوم عقرت للعذارى مطيتي *** فيا عجبا من رحلها المتحمل
يظل العذارى يرتمين بلحمها *** وشحم كهداب الدمقس المفتل
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة *** فقالت لك الويلات إنك مرجلي
تقول وقد مال الغبيط بنا معا *** عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
فقلت لها سيري وأرخي زمامه *** ولا تبعديني من جناك المعلل
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضعا *** فألهيتها عن ذي تمائم مغيل
إذا ما بكى من خلفها انحرفت له *** بشق وشق عندنا لم يحول
ويوما على ظهر الكثيب تعذرت *** علي وآلت حلفة لم تحلل
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل *** وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
وإن كنت قد ساءتك مني خليقة *** فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
أغرك مني أن حبك قاتلي *** وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وما ذرفت عيناك إلا لتقدحي *** بسهميك في أعشار قلب مقتل
وبيضة خدر لا يرام خباؤها *** تمتعت من لهو بها غير معجل
تجاوزت أحراسا وأهوال معشر *** علي حراص لو يشرون مقتلي
إذا ما الثريا في السماء تعرضت *** تعرض أثناء الوشاح المفصل
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها *** لدى الستر إلا لبسة المتفضل
فقالت يمين الله ما لك حيلة *** وما إن أرى عنك العماية تنجلي
خرجت بها تمشي تجر وراءنا *** على أثرينا ذيل مرط مرحل
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى *** بنا بطن حقف ذي ركام عقنقل
إذا التفتت نحوي تضوع ريحها *** نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
إذا قلت هاتي نوليني تمايلت *** علي هضيم الكشح ريا المخلخل
مهفهفة بيضاء غير مفاضة *** ترائبها مصقولة كالسجنجل
كبكر مقاناة البياض بصفرة *** غذاها نمير الماء غير المحلل
تصد وتبدي عن أسيل وتتقي *** بناظرة من وحش وجرة مطفل
وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش *** إذا هي نصته ولا بمعطل
وفرع يغشي المتن أسود فاحم *** أثيث كقنو النخلة المتعثكل
غدائره مستشزرات إلى العلا *** تضل المدارى في مثنى ومرسل
وكشح لطيف كالجديل مخصر *** وساق كأنبوب السقي المذلل
وتعطو برخص غير شثن كأنه *** أساريع ظبي أو مساويك إسحل
تضيء الظلام بالعشاء كأنها *** منارة ممسى راهب متبتل
وتضحي فتيت المسك فوق فراشها *** نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
إلى مثلها يرنو الحليم صبابة *** إذا ما اسبكرت بين درع ومجول
تسلت عمايات الرجال عن الصبا *** وليس صباي عن هواها بمنسل
ألا رب خصم فيك ألوى رددته *** نصيح على تعذاله غير مؤتل
وليل كموج البحر أرخى سدوله *** علي بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بجوزه *** وأردف أعجازا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي *** بصبح وما الإصباح فيك بأمثل
فيا لك من ليل كأن نجومه *** بكل مغار الفتل شدت بيذبل
كأن الثريا علقت في مصامها *** بأمراس كتان إلى صم جندل
وقد أغتدي والطير في وكناتها *** بمنجرد قيد الأوابد هيكل
مكر مفر مقبل مدبر معا *** كجلمود صخر حطه السيل من عل
كميت يزل اللبد عن حال متنه *** كما زلت الصفواء بالمتنزل
مسح إذا ما السابحات على الونى *** أثرن غبارا بالكديد المركل
على العقب جياش كأن اهتزامه *** إذا جاش فيه حميه غلي مرجل
يطير الغلام الخف عن صهواته *** ويلوي بأثواب العنيف المثقل
درير كخذروف الوليد أمره *** تقلب كفيه بخيط موصل
له أيطلا ظبي وساقا نعامة *** وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
كأن على الكتفين منه إذا انتحى *** مداك عروس أو صرية حنظل
وبات عليه سرجه ولجامه *** وبات بعيني قائما غير مرسل
فعن لنا سرب كأن نعاجه *** عذارى دوار في الملاء المذيل
فأدبرن كالجزع المفصل بينه *** بجيد معم في العشيرة مخول
فألحقنا بالهاديات ودونه *** جواحرها في صرة لم تزيل
فعادى عداء بين ثور ونعجة *** دراكا ولم ينضح بماء فيغسل
فظل طهاة اللحم من بين منضج *** صفيف شواء أو قدير معجل
ورحنا وراح الطرف ينفض رأسه *** متى ما ترق العين فيه تسهل
كأن دماء الهاديات بنحره *** عصارة حناء بشيب مرجل
وأنت إذا استدبرته سد فرجه *** بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
أحار ترى برقا كأن وميضه *** كلمع اليدين في حبي مكلل
يضيء سناه أو مصابيح راهب *** أهان السليط في الذبال المفتل
قعدت له وصحبتي بين حامر *** وبين إكام بعد ما متأمل
وأضحى يسح الماء عن كل فيقة *** يكب على الأذقان دوح الكنهبل
وتيماء لم يترك بها جذع نخلة *** ولا أطما إلا مشيدا بجندل
كأن طمية المجيمر غدوة *** من السيل والغثاء فلكة مغزل
كأن أبانا في أفانين ودقه *** كبير أناس في بجاد مزمل
وألقى بصحراء الغبيط بعاعه *** نزول اليماني ذي العياب المخول
كأن سباعا فيه غرقى غدية *** بأرجائه القصوى أنابيش عنصل
على قطن بالشيم أيمن صوبه *** وأيسره على الستار فيذبل
وألقى ببسيان مع الليل بركه *** فانزل منه العصم من كل منزل
مع تحيات أبو سمرة