الزلزال المشرف
| موضوع: الشيخ علي ملا معلم التربية الفنية.. الذي أصبح كبير مؤذني الح الأربعاء أكتوبر 03, 2007 1:36 pm | |
| بأناة المتقين، وخشوع الموقنين. يتسلل صوته الى شغاف قلبك. يصدح عالياً متجاوزاً الآفاق. تردد صداه جبال مكة وأوديتها. بلال الحرم المكي الشريف وشيخ مؤذنيه، الشيخ علي ملاّ. ابن سوق الليل، الحارة المكية المعتقة بأنفاس رسول الله صلى الله عليه وسلم. من على منارة باب الزيادة؛ التي كانت على موعد مع أشهر حنجرة رفعت الأذان؛ في عمر اربعة عشر ربيعاً. وعلى مدى خمسة وثلاثين عاماً، ولم تزل. ابن صائغ الفضة، الذي لم يرض لحنجرته الذهبية؛ ان تتزين إلا بوحي كلمات السماء. يرددها من خلفه المسلمون كافة في مشارق الأرض ومغاربها. رحلة الملاّ مع الأذان الشريف وكلماته الطاهرة. بدأ مشوارها من داخل بيت العائلة، حينما كان مرافقاً لعمه عبد الرحمن ملاّ، مؤذن الحرم الشريف، وكبير مؤذنيه في ذلك الوقت. تلك الصحبة كانت الأوقع أثراً في نفس الملاّ، والتي أتاحت له فرصة اعتلاء منارة باب الزيادة؛ أو ما تعارف على تسميتها أهل الحرم بـ«الصنجة»، في وقت لم تحظى فيه كل منارات الحرم الشريف؛ بتقنية الصوت أو المايكروفونات. ومنارة قايد بيه؛ لرفع الأذان قبل توحيده عام 1400هـ. إلا أن المؤذن الصغير لم يحظ حينها باستماع أحد الى أذانه.
إلا أن الأمر تجاوز مجرد الرفقة. فكانت علاقة وطيدة بين الشيخ والأذان. لعب فيها الدور الرئيس، تاريخ العائلة؛ مع الأذان بدءاً من الجد علي عبد الرحمن ملاّ، والوالد أحمد؛ إلى جانب الأعمام صدّيق وعبد الرحمن، وأبنائه عبد الله وعبد اللطيف، وشيخ المؤذنين الراحل عبد الملك ملاّ الذي توارث المهنة لم يكن فقط من جهة الوالد، بل كان لجد الملاّ من جهة والدته الشيخ عبد الله خوج، وعبد الحفيظ وابنه توفيق؛ أثر كبير في نفس الشيخ رسّخ عشقه للأذان.
الصنجة كانت بمثابة اختبار أول وتدريب على الأذان. في حين جاء رفع الأذان الأول والثاني لصلاة الفجر؛ من على منارة باب المحكمة؛ التي كانت حصواتها تحظى باجتماع علماء ومشايخ تلك الفترة من امثال الشيخ محمد امين مرداد وحسن مشاط، مما سهل جواز مرور لشيخنا. لاقى استحسان مشايخ ومؤذني المسجد الحرام. حظي من خلاله بشرف الأذان. إلا أن ذلك لم يكن كافياً بل جاء اجتماع المؤذنين الكبار في دكان صائغ الفضة الشيخ أحمد ملاّ؛ بزقاق الحجر في حارة القشاشية القريبة؛ من الحرم الشريف بمثابة دروس. تعلم من خلالها الملاّ قواعد الأذان، والالتزام بها. «ولد مكة» فخر كل المكييّن لكل من وُلد أو تربى فيها، فكيف بمن كانت صفة ابن الحرم، هي الأكثر مطابقة لواقع حاله! علي ملاّ تجاوز العيش داخل الحارة المكية العتيقة، ليحظى بشرف الدراسة بين أروقة بيت الله الحرام، والتي تعلم فيها الأصول الأولى للعلوم الشرعية والحديثة. بين مَشّك الأستاذ وبوص التلميذ، بدأت رحلة العلم لشيخ المؤذنين؛ من حلقة الشيخ عاشور عند باب الزيادة؛ من خلال ألواح الحساب الخشبية، مروراً بالقاعدة البغدادية للأبجدية العربية، وانتهاءً بحفظ كتاب الله؛ ناهيك من حلقات العلم؛ التي وطّدت علاقة الملاّ بأدق تفاصيل الحرم الشريف، عبر التلمذة على يد اكبر مشايخ ذلك الزمان، والذي يُرجع الملاّ اليهم الفضل الأول؛ بعد الله في حرصه على التعلم، كما قال هو بنفسه «كنت حريصاً على حضور حلقات العلم داخل الحرم». لم يقف تعليم الشيخ عند الرحمانية، بل تجاوزها لنيل الشهادة الابتدائية، من مدرسة الخطّاب، التي وجد فيها متسعاً؛ لإبراز موهبته الصوتية وتجميلها بكلمات الأذان في الرحلات المدرسية، الأمر الذي صقل صوت الشيخ ومرنه، إضافة إلى حرصه الشديد على تلاوة القرآن الكريم، وترتيله كما يجب، مروراً بالتواشيح الدينية؛ في الحفل الختامي للمدرسة. ثم جاء عام 1384هـ، والذي انتقل فيه إلى العاصمة الرياض، للحصول على دبلوم من معهد التربية الفنية عام 1390هـ. ولم يكتف به فكان حصوله على الشهادة الجامعية من جامعة أم القرى. وليبدأ بعدها كبير المؤذنين رحلته في حقل التدريس، كمعلم لمادة «الرسم» او التربية الفنية؛ بمدرسة عبد الله بن الزبير؛ بحي المعابدة بمكة المكرمة؛ من عام 1391ـ 1424هـ. ومشرف للمادة في وقت سابق. في حين شكّل عام 1395هـ، علامة فارقة لشيخ المؤذنين؛ من خلال تلقيه الخبر الأكثر تأثيراً في حياة الملاّ؛ الذي حمله الوالد أحمد ملاّ لابنه؛ باعتماده رسمياً مؤذناً للحرم المكي الشريف. ليرفع الأذان بصوته الذي يحرك القلوب بروحانية نبراته، وتصاعد الإحساس الإيماني داخل النفوس المؤمنة، مما جعل تكليفه بالتكبير في صلاة العيدين، أمراً يقيناً لا يحتمل الجدل. وهو ما عبّر عنه الشيخ علي بقوله «أكبر شرف يمكن ان تحظى به شرف الأذان، والنطق بكلمات النداء الطاهر، لجموع المسلمين في الأرض، للصلاة». بين مشيخة المؤذنين في الحرم المكي الشريف، وتعليم ابجديات الرسم، تبدو خطوط التماس قريبة عند كبير المؤذنين، والتي حددها ورسمها الشيخ بنفسه قائلاً «أنا بطبعي أحب الرسم، لأنه فن جميل، ووسيلة لغرس مبادئ التسامح في نفوس الصغار، وهو ما كنت أحرص عليه، أثناء عملي كمدرس للمادة من خلال تعليمي فنون الزخرفة الإسلامية»، ولأن فن الرسم موهبة وهواية، كان للشيخ حضوره عبر الاشتراك في معارض فنية داخلية، ومن خلال لوحاته التي لم تخرج عن عالم الزخارف الإسلامية، إلى جانب عضويته في الجمعية السعودية للطوابع وجمعية البريد والنقود السعودية.
ولأن القلوب دائماً اسيرة عشقها الأول، كان الأذان حاضراً دائماً في حياة الشيخ علي ملاّ، ملء السمع والبصر، وهو الأمر الذي حرم اسرته من جلوسه اليهم؛ في كثير من الأحيان خاصة في نهاية إجازة الأسبوع المتزامنة مع الليلة الزهراء واليوم الأزهر (الجمعة)، حرصاً من الشيخ على رفع أذان فجرها، والنداء لصلاة عيد المسلمين في كل أسبوع، وهو الأمر الذي اعتاد عليه كبير مؤذني الحرم المكي، «في هذه الليلة افرغ نفسي، هذه الليلة تُعد من أحب الليالي لقلبي؛ كونها ليلة توبة»، ويأتي حرص الملاّ على الأذان لفجر الجمعة؛ نظراً لكثرة المصلّين والمعتمرين فيها.
الشيخ علي ملاّ الذي وصل بعذوبة صوته، وطُهر الكلمات التي ينادي بها للفلاح، لكافة المسلمين من على منابر الحرم المكي الشريف ومن داخل مكبريته، حمل كثيرين على تلقيبه ببلال الحرم، وهو اللقب الذي اُطلق عليه عند افتتاح مسجد جبل طارق؛ الأمر الذي أشعر شيخنا بسعادة بالغة عبّر عنها بقوله «شعرت بسعادة كبيرة عندما لقبوني ببلال الحرم، لأنني علمت أن أذان الحرم له هذه التأثير القوي على المسلمين في اصقاع الأرض». | |
|
majesty عمدة المهندسين
| موضوع: رد: الشيخ علي ملا معلم التربية الفنية.. الذي أصبح كبير مؤذني الح الخميس أكتوبر 04, 2007 9:19 pm | |
| يسلموا يا زلزال تحياتي | |
|